بسم الله الرحمن الرحيم
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا
صدق الله العظيم
يُظللُ العالمَ الإسلامي والعربي في هذه الأيام ذكرى مولدِ الرسول محمد صل الله عليه وسلم
عربي المولد إسلامي النشأة
والمعايش لهذه الذكرى يرى أن العالم الإسلامي تلقى وقابل هذه الذكرى منشطراً إلى فريقين
فريقٌ يتعامل معها وكأن أمراً لم يكن ولا يلقي لها بالاً ولا يحرك من أجلها ساكناً
وفريقٌ يتعامل ويتفاعل معها بالاحتفاء والابتهاج و إقامة الحفلات والأناشيد وصنع أطايب الطعام مما لذَّ منها وطاب
ما يسمى ( المولدالنبوى)
والمتأمل في تعامل الفريقين يرى أن كلا الفريقين لماّ يرقى في تعامله إلى درجة الكمال والطموح المنشود وفق المعايير والضوابط الإسلامية
فليس من الإنصاف أن تمر هذه الذكرى - صاحبها محمد رسول الله دون أن يتغير في سلوك العالم الإسلامي والعربي شيء ما، ولا حتى يُذكّر من خلالها أبناء وأطفال العالم الإسلامي و العربي بصاحب هذه الذكرى
فالرسول محمّد الذي بذل الغالي والنفيس ونذر حياته لتربية الأمة الإسلامية والعربية التي نحن أحفادها، وكابد الأمرّين وصبر وصابر وتحمل من أجل أن يحوّل هذه الأمة من أمة قبلية ينهش في جسدها الثأر والفساد والوأد والظلم والتفرقة والتبعية والتشرذم ورعي الإبل إلى أمة قادت ورعت العالم فقهاً وعلماً وحكمًا وعدلاً وحضارةً قروناً من الزمن
أكرم براع ٍ رعى الدنيا بحكمته كما رعى في الصغر نزرًا من الغنم
فهل من العدل والإنصاف والإحسان و ذكرى هذا هو صاحبها أن تمرّ دون أن يكون لها صدىً ودون أن يُعرّف بصاحبها ويتعرّف أبناء هذه الأمة على أخلاقه وخصاله
إذا كان هذا التعامل ليس فيه إنصاف كذلك التعامل مع هذه الذكرى تعاملاً صورياً أجوفَ فارغاً وشكلياً وقاصرًا عن إقامة الأناشيد وتقديم ما لذَّ وطاب من الأطعمة والأشربة فقط وينقضي الأمر وتنتهي الذكرى مع انتهاء الأكل والشرب غربةً كغربة اليتامى على موائد اللئام
فالتعامل مع ذكرى مولد رسول الله صل الله عليه وسلم بهذه الصورة التقليدية الصورية الفارغة، ودون ربطٍ بالواقع، واستنتاجٍ للعبر منها، للتعرّف على أخطاء الماضي وما جرى فيه وما يجري في الحاضر لبناء الغد والمستقبل، والمستقبلُ ليس حلماً ننتظره ولا رجُلاً يمشي إلينا، بل يُصنع بأيدينا، ومن اليوم فالإنسان العاقل ينظر إلى الماضي والحاضر لاستخلاص العبر ويتأمل الغدَ ليصنع مستقبلا يحقّق العزّة والسعادة له في الدنيا، ويجعل أحفاده فخورين به ويجعل الأخَرَ من غير المسلمين يُقبل عليه إيماناً به وانتساباً للإسلام، ويثيبه الله عليه في الآخرة جنّات عدن
هذا هو الاحتفاء الحقيقي بذكرى مولد رسول اللهصل الله عليه وسلم تذكيرا بها فهو جد يرٌ بذلك، واستخلاصاً للعبر والدروس من سيرته صل الله عليه وسلم فهو خير قدوة
قال تعالى
قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا
( الأحزاب: 21)
وإصلاحاً للواقع فهو خير مصلح ٍ بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء وتفاؤلاً بالمستقبل وعدم الاستسلام للواقع وما كان في الجزيرة العربية خير شاهد
فذكرى مولد رسول اللهصل الله عليه وسلم مولدٌ للرحمة والعدل والسلام والمحبة ، مولدٌ للنفوس الطيبة من جديد
فهي ذكرى يجب أن تُذكر ويُذكَّر بها
منقول للفائدة والمنفعة